الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- فحديث جابر: أخرجه أصحاب السنن الأربعة [عند الترمذي في "الحدود - باب ما جاء في الخائن، والمختلس والمنتهب" ص 187 - ج 1، وعند أبي داود في "السرقة - باب القطع في الخلسة والخيانة" ص 247 - ج 2.] عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع"، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نحوه، انتهى. وسكت عنه عبد الحق في "أحكامه"، وابن القطان بعده، فهو صحيح عندهما، وفرقه أبو داود، فرواه بهذا الإِسناد، ليس على المنتهب قطع، ومن انتهب نهبة مشهورة، فليس منا، وقال بهذا الإِسناد: ليس على الخائن، ولا على المختلس قطع، انتهى. قال أبو داود: وهذان الحديثان لم يسمعهما ابن جريج من أبي الزبير، وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنما سمعهما ابن جريج من يس الزيات، وقد رواهما المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. قلت: رواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع الثالث والثلاثين، من القسم الثالث عن ابن جريج عن أبي الزبير، وعمرو بن دينار عن جابر مرفوعًا باللفظ الأول سواء، وأخرجه أيضًا عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا أيضًا، لم يذكر فيه المنتهب، فزالت العلة التي ذكرها أبو داود، وابن أبي حاتم أيضًا، قال ابن أبي حاتم في "كتاب العلل" [ذكره في "كتاب العلل في الحدود" ص 450 - ج 1.]: سألت أبي، وأبا زرعة عن حديث رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: ليس على الخائن، الحديث. فقال: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير، فقال: إنه سمع من يس الزيات عن أبي الزبير، فدلسه عليه، ويس ليس بالقوي انتهى. وتردد النسائي فيه [عند النسائي في "السرقة - باب ما لا قطع فيه" ص 261 - ج 2]، فقال: وقد روي هذا الحديث عن ابن جريج عيسى بن يونس، والفضل بن موسى، وابن وهب، ومحمد بن ربيعة، ومخلد بن يزيد، وسلمة بن سعيد، فلم يقل فيه منهم: حدثني أبو الزبير، ولا أراه سمعه من أبي الزبير، انتهى. قلنا: في سند ابن حبان ما ينفي ذلك، وأيضًا فتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقق إيصاله، وقد تابعه عليه المغيرة بن مسلم، كما أشار إليه أبو داود، والترمذي، وحديثه أخرجه النسائي عن المغيرة عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "ليس على مختلس، ولا منتهب، ولا خائن قطع"، انتهى. والمغيرة بن مسلم صدوق، قاله ابن معين، وغيره. - حديث آخر: في "المختلس" رواه ابن ماجه في "سننه" [عند ابن ماجه في "السرقة - باب الخائن والمنتهب والمختلس" ص 189] حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن عاصم بن جعفر المصري ثنا الفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، قال: سمعت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: "ليس على المختلس قطع"، انتهى. - وأما حديث أنس: فرواه الطبراني في "معجمه الوسط" حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، قال: أملا عليّ عبد اللّه بن وهب من حفظه عن يونس عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: ليس على منتهب، ولا مختلس، ولا خائن قطع، انتهى. وقال: لم يروه عن الزهري إلا يونس، ولا عن يونس إلا ابن وهب، تفرد به، أبو معمر، انتهى. واستشكل حديث المخزومية، أخرجه مسلم [عند مسلم في "السرقة - باب قطع السارق الشريف وغيره" ص 64 - ج 2] عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة، كانت امرأة مخزومية، تستعير المتاع، وتجحده، فأمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بقطع يدها، وأخرجه البخاري، ومسلم [عند مسلم في "السرقة" ص 64 - ج 2، وعند البخاري في "باب شهادة القاذف" ص 361 - ج 1، وفي "المغازي - في غزوة الفتح" ص 616 - ج 2] عن يونس عن الزهري به: أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ؟ إلى أن قال: ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها، وأخرجه الستة [عند مسلم في "السرقة" ص 64 - ج 2، وعند البخاري في "الحدود - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان" ص 1003 - ج 2، وعند الترمذي في "الحدود - باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود" ص 184 - ج 1، وعند ابن ماجه في "الحدود - باب الشفاعة في الحدود" ص 186، وعند أبي داود "باب في الحد يشفع فيه" ص 245 - ج 2.] عن الليث بن سعد عن الزهري به بهذا اللفظ، وأخرجه النسائي [عند النسائي عن الزهري، بطرق مذكورة في "باب ما يكون حرزًا وما لا يكون" ص 255، وص 256 - ج 2.] عن إسحاق بن راشد، وإسماعيل بن أمية، وابن عيينة، وأيوب بن موسى، كلهم عن الزهري به بهذا اللفظ، ولفظ العارية ليست عند البخاري، قاله عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين"، وقال في "أحكامه": قد اختلفت الرواية في قصة هذه المرأة، والذين قالوا: سرقت أكثر من الذين قالوا: استعارت، انتهى. وأخرجه مسلم [عند مسلم في "الحدود" ص 65 - ج 2، وعند النسائي: ص 255 - ج 2] عن جابر أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فأتى بها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فعاذت بأم سلمة زوج النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال عليه السلام: "لو كانت فاطمة لقطعت يدها"، فقطعت، انتهى. وأخذ الإِمام أحمد بظاهر هذا الحديث من القطع بسرقة العارية، والجمهور على أنه لا قطع فيه، لأنه خائن، والخائن من يؤتمن على شيء، فيخون به، فسقط القطع، لأن صاحبه أعان على نفسه بإِتمامه، وأجابوا عن الحديث بأن ذكر العارية وقع فيه لقصد التعريف، لا أنه سبب القطع، بدليل الأحاديث التي صرح فيها بالسرقة، وذكر بعضهم أن معمر بن راشد تفرد بذكر العارية في هذا الحديث من بين سائر الرواة، وأن الليث راوي السرقة تابعه عليه جماعة، منهم: يونس ابن يزيد، وأيوب بن موسى، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، فرووه عن الزهري، كرواية الليث، وذكر أن بعضهم وافق معمرًا في رواية العارية، لكن لا يقاوم من ذكر، فظهر أن ذكر العارية إنما كان تعريفًا لها بخاص صفتها، إذ كانت كثيرة الاستعارة، حتى عرفت بذلك، كما عرفت بأنها مخزومية، واستمر بها هذا الصنيع حتى سرقت، فأمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بقطعها، ومما يدل على صحة ذلك ما رواه ابن ماجه في "سننه" [في "باب الشفاعة في الحدود" ص 186.] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد اللّه بن نمير ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن ركانة عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود عن أبيها، قال: لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بنت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال عليه السلام: تطهر خير لها، فأتينا أسامة بن زيد، فقلنا له: كلم لنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فلما كلمه قال: "ما إكثاركم عليّ في حد من حدود اللّه؟! والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، انتهى. قال ابن سعد في "الطبقات": وهذه المرأة هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، قال: وقيل: هي أم عمرو بنت سفيان بن عبد الأسد أخت عبد اللّه بن سفيان، انتهى. ولكن يعكر على ذلك ما أخرجه أبو داود في "سننه" [عند أبي داود "باب القطع في العارية إذا جحدت" ص 248 - ج 2.] عن الليث بن سعد حدثني يونس عن ابن شهاب، قال: كان عرة يحدث عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: استعارت امرأة - يعني حليًا - على ألسنة أناس يعرفون، ولا تعرف هي، فباعته، فأخذت، فأتى بها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأمر بقطع يدها، وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد، وقال فيها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما قال، انتهى. وقال الإِمام أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي في "كتابه غريب الحديث": وعندي أن رواية معمر صحيحة، لأنه حفظ ما لم يحفظ أصحابه، ولموافقته حديث صفية بنت أبي عبيد أن امرأة كانت تستعير المتاع، وتجحده، فخطب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يومًا الناس على المنبر، والمرأة في المسجد، فقال عليه السلام: هل من امرأة تائبة إلى اللّه، ورسول اللّه؟ فلم تقم تلك المرأة، ولم تتكلم، فقال عليه السلام: قم يا فلان، فاقطع يدها - لتلك المرأة - فقطعها، وأيضًا فإن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ له ما ليس لغيره، فيمن عصاه، ورغب عن أمره، انتهى كلامه. - الحديث السابع: قال عليه السلام: - "من نبش قطعناه"، قلت: رواه البيهقي في "كتاب المعرفة" فقال: أنبأني أبو عبد اللّه الحاكم إجازة، ثنا أبو الوليد ثنا الحسن بن سفيان، قال - يعني ابن سفيان - : وفيما أجاز لي عثمان بن سعيد عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن بشر بن حازم عن عمران ابن يزيد بن البراء بن عازب عن أبيه عن جده في حديث ذكره أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "ومن نبش قطعناه"، انتهى بحروفه. قال في "التنقيح" في هذا الإِسناد من يجهل حاله، كبشر بن حازم، وغيره، وروى أيضًا أنبأني أبو عبيد اللّه إجازة، ثنا أبو الوليد ثنا محمد بن سليمان ثنا علي بن حجر ثنا سويد ابن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، قالت: سارق أمواتنا كسارق أحيائنا، انتهى.
|